شكري أنيس فاخوري… من “رسالة إلى أمي” إلى “العاصفة تهبّ مرتين” كاتبٌ جعل من

14/11/2025
1280x960

شكري أنيس فاخوري… من “رسالة إلى أمي” إلى “العاصفة تهبّ مرتين”

كاتبٌ جعل من الدراما مرآةً للمجتمع ومن الكلمة جسرًا بين الواقع والحلم

هو الأديب والسيناريست اللبناني شكري أنيس فاخوري، الذي حوّل القلم إلى مرآةٍ تعكس وجع الناس وحكاياتهم. قلمٌ احترف الدراما، فأضاء على مشاكل المجتمع، ولامس تفاصيل الحياة اللبنانية بصدقٍ وجرأةٍ وعمق إنساني نادر.

ولادة موهبة فذّة

وُلد فاخوري في 15 شباط 1953 في دمشق لأسرة لبنانية من أصل طرابلسي. والده الأديب جورج أنيس فاخوري، صاحب الفكر والمنطق، ووالدته لوريس مكرزل، شقيقة مؤسسي مجلة الدبور ميشال وفؤاد مكرزل.
نشأ وحيدًا لوالديه في بيروت، وتأثر منذ طفولته بمثالية والده وحنان والدته، فكوّنت شخصيته مزيجًا من الانضباط والعاطفة. بعد وفاة والده في حادث سير مأساوي في الكويت عام 1979، حمل شكري على عاتقه حلم العائلة ومسيرة الكلمة.

من مقاعد الدراسة إلى عوالم الأدب

تابع علومه في مدرسة النهضة بالأشرفية، ثم حاز شهادة الفلسفة عام 1971، وتخرّج من الجامعة اللبنانية – كلية الآداب عام 1975 حاملاً إجازة في اللغة العربية وآدابها.
منذ صغره، كانت حصة الإنشاء أحبّ إلى قلبه من أي مادة، فموهبته كانت تسكن الحرف لا الأرقام. خالته أليس مكرزل كانت أول من اكتشف شرارة الإبداع فيه، فشجعته واحتضنت نصوصه الأولى.

كتب في العاشرة من عمره نصًا بعنوان “رسالة إلى أمي” نُشر في مجلة الدبور، ثم تبعتها قصص مثل “انتصار الأبطال” و*”أقوى من القدر”* و*”جسد وامرأة”*. كما كتب مشاهد مسرحية قصيرة مثّلها مع أطفال الحيّ أمام الأهالي، مقابل ربع ليرة كثمن للبطاقة — لتكون تلك أولى خطواته في المسرح والدراما.

من الصحافة إلى الشاشة

دخل عالم الصحافة باكرًا وكتب في مجلات وصحف لبنانية وعربية، قبل أن ينتقل إلى الكويت للعمل في منظمة الدول العربية المصدّرة للبترول كمشرف على المطبوعات. هناك، كتب رواية “الجائعون” بثلاثة أجزاء، وبدأ اسمه يلمع ككاتب قصصي متمكن.
عاد إلى لبنان عام 1981 وأسس مركز لبنان الفني للطباعة، لكنه لم يبتعد عن الأدب. كتب روايات عدّة أبرزها “غبطته والشيخ”، قبل أن يتفرغ للدراما التلفزيونية التي غيّرت وجه التلفزيون اللبناني.

ولادة العاصفة… وبداية المجد

عام 1994، كتب فاخوري لتلفزيون لبنان مسلسل “العاصفة تهبّ مرتين”، وهو العمل الذي شكّل نقطة تحول في تاريخ الدراما اللبنانية. تحوّل المسلسل إلى ظاهرة اجتماعية، تابعها اللبنانيون بشغف كل مساء، حتى تجاوزت حلقاته الـ177، ليصبح أطول مسلسل لبناني وأشهرها على الإطلاق.
من خلاله، طرح قضايا الحب والخيانة والاختلاف الديني والمخدرات، بأسلوب درامي مشوّق وعميق. كتب أيضًا “نساء في العاصفة”، “اسمها لا”، “ربيع الحب”، و**”غدًا يوم آخر”**، وغيرها من الأعمال التي تربّع من خلالها على عرش الكتابة التلفزيونية.

أسلوب مميّز ومدرسة في الدراما

في كل نصٍّ يكتبه، يمزج فاخوري بين الشعر والواقعية، بين التحليل النفسي والدراما الاجتماعية. يرى أن الدراما ليست تاريخًا بل «محاكاة للحياة وواجبها المقدس عدم تكسير قيم المجتمع».
يتقن توظيف الفلاش باك، ويهتم بأدق تفاصيل المشهد، من نظرة الممثل إلى إيقاع الجملة. لذلك تبدو شخصياته حقيقية، تشبه الناس في منازلهم وشوارعهم وأحلامهم.

جوائز وتكريم

نال فاخوري خلال مسيرته العديد من الجوائز والدروع التكريمية، أبرزها جائزة “الموركس دور” كأفضل كاتب درامي لثلاث سنوات متتالية، كما كرّمته جامعات ومؤسسات ثقافية عدة تقديرًا لعطائه وإبداعه.

بصمته السينمائية

خاض أيضًا تجربة السينما، فكتب فيلمين روائيين:

“صرخة حب” (لبناني–مصري)،

“الجمعة 7:30” (لشركة روتانا، من بطولة سيرين عبد النور وإخراج سعيد الماروق).

خاتمة

من “رسالة إلى أمي” إلى “العاصفة تهبّ مرتين”، لم يتغيّر في شكري أنيس فاخوري سوى نضج التجربة واتساع الأفق.
بقي الرجل الذي يكتب للحياة ومن أجلها، مؤمنًا بأن الكلمة الصادقة يمكنها أن تغيّر الواقع وتعيد للدراما اللبنانية بريقها.


Latest posts



About us

Leverage agile frameworks to provide a robust synopsis for high level overviews. Iterative approaches to corporate strategy foster collaborative thinking to further the overall value proposition. Organically grow the holistic world view of disruptive innovation via workplace diversity and empowerment.


CONTACT US

CALL US ANYTIME