فوزي عساكر بين مؤتَمر بيروت وأفيخاي أدرعي! (كتب رئيس تَحرير مَجلة العالمية فوزي عساكر) حكاية الإزدواجية في وطن الفرائض، مهما تغيّرت عناوينها، يبقى المضمون واحدًا. كان صديقنا «مأمون» يُحبّ زوجته عشقًا فريدًا، قد لم يعرفه قيس وليلى، ولا روميو وجوليات، ولا حتى أدونيس وعشتروت. ولكنّ قصص الحب عند المشاهير، كانت غامضة بالنسبة لنا على مَرّ العصور، فلا نعرف كلّ تفاصيلها. أمّا قصة صديقنا مأمون، فنحن نعرف كلّ خيوطها

بين مؤتَمر بيروت وأفيخاي أدرعي!
(كتب رئيس تَحرير مَجلة العالمية فوزي عساكر)
حكاية الإزدواجية في وطن الفرائض، مهما تغيّرت عناوينها، يبقى المضمون واحدًا.
كان صديقنا «مأمون» يُحبّ زوجته عشقًا فريدًا، قد لم يعرفه قيس وليلى، ولا روميو وجوليات، ولا حتى أدونيس وعشتروت. ولكنّ قصص الحب عند المشاهير، كانت غامضة بالنسبة لنا على مَرّ العصور، فلا نعرف كلّ تفاصيلها. أمّا قصة صديقنا مأمون، فنحن نعرف كلّ خيوطها.
كما نعرف تَمامًا أنّ مأمون لم يكن يدري أنّ زوجته تَخونه خلال أربعين سنةً من الزواج، ولم يكن يصدّق شهود عيانٍ كانوا ينصحونه. فاستمرّ على العهد حتى مع كل الأخبار والأقاويل ومَرّ السنين.
كانوا يضربون به المثل، فيخبرون أنه كان يشتري لزوجته ثياب العيد، في حين أنّها كانت تلهو مع غيره في ذلك الوقت. هو يَختار لباسَها وعطرها وأساورها وعقودها، وهي تَخونه مع أحد زبائنها، وتُحرق كلّ سنوات حبّه لها. ولكنّه لم يتّعظ، وكان يَختار لنفسه عالَمًا من الخيال، فيما الحقيقة غير ذلك تَمامًا.
ليس مأمون وحده يعيش في الخيال، بل نصف المسؤولين عندنا يعيشون في عالم الوهم والخيال، يعقدون مؤتَمر بيروت واحد، ويلقون الخطابات الرنانة، ويصفّقون ويُهوبرون ويكثرون الأمال ويُغدقون الوعود، فيما أفيخاي أدرعي يسلب الأمان في جنوبي لبنان، ويعلن عن مَجازر جديدة وهو يَحمل بيده خارطة الشرق الأوسط الجديد، والمنطقة الاقتصادية الجنوبية تَحت إمرة اسرائيل وبرعاية الولايات المتحدة الأميركية.
بربّكم يا سادة… يا أسياد لبنان… يا مُمثلي الدولة اللبنانية… يا مُمثلي الهيئات الاقتصادية والمالية… يا ايها الحالمون… بِماذا تَعدون أنفسكم وتَعدون الناس؟! هل انتم تصدّقون انكم قادرون على إعادة الإعمار من خلال مؤتَمر بيروت واحد، فيما اسرائيل تقصف البيوت المهجورة، وتقلع الزيتون وتُحرق الصنوبر والسنديان، وتغتال الأطفال والنساء والشيوخ؟!
مؤتَمر بيروت، كان عرسًا من دون حبيبة، فالحبيبة تَحت النار، وفستانُها معلّق في حضرة المدعوّين للعرس. هل تصدّقون أنّ اسرائيل ستسمح لكم ببناء حجر في الجنوب بِمجرّد عقد مؤتَمر للإستثمار والإعمار؟! هل تصدّقون أنّ أميركا تعنيها أحلامكم الفضفاضة؟ وإذا أعدتُم الإعمار، هل ستترك إسرائيل في أرضنا حجرًا فوق حجر؟!
إعقَلوا أيها المستثمرون بالعقول الساذجة، سبقكم العالم العربي إلى أحضان الولايات المتحدة، وإلى طاولة السلام، وغدًا ستنساكم الأمم وستفاوض مع «حامل السلاح»، كما فعلت في سوريا؛ ومع حامل المال، كما فعلت في السعودية؛ ولن تطأ أقدامكم أبواب النعيم، ولن يبقى سوى وهم اسـمه مؤتَمر بيروت الضائع مع كل طلّةٍ من أفيخاي أدرعي.
فوزي عساكر

