طوني حنّا… صوت الجبل الذي عبر الحدود بشاربه الكثيف، وقبعته السوداء، وعصاه التي باتت جزءًا من حضوره الفني، يشكّل الفنان طوني حنّا واحدًا من أكثر الأصوات تفرّدًا في تاريخ الأغنية اللبنانية. إنه ابن القرى الجبلية التي تُنبت الأصوات الدافئة، وابن بلدة معاد في قضاء جبيل

14/11/2025
FB_IMG_1763116286270

طوني حنّا… صوت الجبل الذي عبر الحدود

بشاربه الكثيف، وقبعته السوداء، وعصاه التي باتت جزءًا من حضوره الفني، يشكّل الفنان طوني حنّا واحدًا من أكثر الأصوات تفرّدًا في تاريخ الأغنية اللبنانية. إنه ابن القرى الجبلية التي تُنبت الأصوات الدافئة، وابن بلدة معاد في قضاء جبيل حيث وُلد عام 1945، ليكبر وسط عائلة كبيرة ضمّت 13 أخًا وأختًا، لم يُكتب لمعظمهم الاستمرار في الحياة، فحمل طوني في ذاكرته قسوة الفقد باكرًا، وحمل معه أيضًا تلك الجذوة التي أورثه إياها والده يوسف حنّا صاحب الصوت العذب وخادم القداس.

منذ طفولته، ظهرت ميوله الروحية والفنية معًا، فوالده أراد له أن يصبح كاهنًا، فأرسله في سن الثالثة عشرة إلى أحد الأديرة في عين الرمانة حيث أمضى ست سنوات شكّلت بدايات وعيه لموهبته الغنائية. وهناك، وقع الحدث الذي غيّر مصيره: زيارة وديع الصافي للدير. سمع الصافي صوت الفتى، فأوقف الاعتراف، ووقف مندهشًا من خامته، ناصحًا إيّاه بأن يتابع طريق الفن، بل ودعاه لزيارته في الحازمية. تلك اللحظة كانت الشرارة الأولى لصعود نجم طوني حنّا.

من بريطانيا إلى لبنان… رحلة بحث عن الذات

بعد عام 1966، غادر طوني لبنان في رحلة طويلة باتجاه بريطانيا بدعوة من أحد متعهدي الحفلات للغناء في مطعم لبناني. خمس سنوات قضاها هناك بين الحنين إلى الوطن ومحاولة إثبات الذات، ليعود بعدها إلى لبنان أكثر نضجًا واستعدادًا لانطلاقته الفعلية.

هذه الانطلاقة احتاجت إلى مفتاح، وقد جاء المفتاح على يد الملحن الكبير رفيق حبيقة الذي آمن بموهبته بصدق، وقدّمه إلى المخرج سيمون أسمر، صانع النجوم ومخرج برنامج “استديو الفن”. عندها سجّل طوني أغنية “حداي حداي” التي كانت بمثابة زلزال فني، أطلت من خلالها شخصية طوني الفريدة: صوت جبلي، حضور قوي، وتراث مغنّى بلهجة شعبية صادقة. ومن تلك اللحظة، أصبح اسمه على كل لسان.

ثلاثة رجال صنعوا مجده

لا يخفي طوني حنّا امتنانه لثلاث شخصيات شكّلت حجر الأساس في مسيرته:

يوسف حنّا (والده) الذي لقّنه المقامات وعرفه على أسرار النهاوند والسيغا والبيات.

وديع الصافي الذي اكتشف موهبته وأطلقها بمحبة صافية دون أي مقابل.

رفيق حبيقة الذي لحّن له أولى أغانيه وصار جسر وصوله إلى سيمون أسمر وبرنامج “استديو الفن”.

على المسرح… بين الغجر وفخر الدين

لم يقتصر حضور طوني على الغناء، بل شارك في مسرحيات غنائية ضخمة شكّلت مرحلة مهمة من تاريخه الفني، أبرزها:

“سنكف سنكف” للمخرج الكبير روميو لحود (1974).

“رحلة الأغاني الأربع”.

“أيام فخر الدين”.

كما أصدر ألبومين مميزين:

طوني حنّا وفرقة الغجر اليوغسلافيين.

طوني حنّا أوركسترا نوير ستان الوطنية.

أغانٍ خالدة عبر الزمن

ترك طوني حنّا أرشيفًا غنيًا بالأغاني التي حفظها الجمهور ورددها من جيل إلى جيل، ومنها:
حداي حداي – مكسر عصا – دخلك والهوى – يابا يابا لاه – بين الرمل والمي – هلا بأم عيون السود – دلعونا – شروال جدك – يا غزيل – لا تحلفيني بالشنب – قصتنا غريبة – خطرنا على بالك – شيخ الشباب – يسعد صباحك – أبو الزلف – كبرت وعمري صار كبير… وغيرها الكثير.

طوني حنّا… محبة لا تشيخ

عاش طوني سنوات طويلة خارج لبنان، لكنه حمل الوطن في صوته، وأحبه الناس في سوريا ولبنان والعالم العربي. بقي وفيًا لتراث الجبل اللبناني، وبقيت الأغنية الشعبية على يده مدرسة قائمة بذاتها.

واليوم، وبعد عقود من العطاء، ما زال طوني حنّا رمزًا للغناء الأصيل، وواحدًا من آخر الأصوات التي حافظت على هوية الأغنية الجبلية اللبنانية.

كل التقدير للفنان الكبير طوني حنّا…


Latest posts



About us

Leverage agile frameworks to provide a robust synopsis for high level overviews. Iterative approaches to corporate strategy foster collaborative thinking to further the overall value proposition. Organically grow the holistic world view of disruptive innovation via workplace diversity and empowerment.


CONTACT US

CALL US ANYTIME